يا بووووووى يا مصر أما الواحد بيحبك حب

Friday, March 18, 2005

هذا الليل يبدأ

دهر من الظلمات أم هي ليلة جمعت سواد
الكحل والقطران من رهج الفواجع في الدهور!
عيناك تحت عصابة عقدت وساخت في
عظام الرأس عقدتها،
وأنت مجندل – يا آخر الأسرى...
ولست بمفتدى..
قبلادك انعصفت وسيق هواؤها وترابها سبيآ –
وهذا الليل يبدأ،
تحت جفنيك البلاد تكومت كرتين من ملح الصديد
الليل يبدأ
والشموس شظية البرق الذي يهوي إلى
عينيك من ملكوته العالي،
فتصرخ، لا تغاث بغير أن ينحل وجهك جيفة
تعلو روائحها فتعرف أن هذا الليل يبدأ،
لست تحصي من دقائقه سوى عشر استغاثات
لفجر ضائع تعلو بهن الريح جلجلة
لدمع الله في الآفاق..
هذا الليل يبدأ
فابتدئ موتا لحلمك وابتدع حلما لموتك
أيها الجسد الصبور
الخوف أقسى ما تخاف.. ألم تقل؟!
فابدأ مقام الكشف للرهبوت
وانخل من رمادك، وانكشف عنك،
اصطف الآفاق مما يبدع الرخ الجسور..
27/3/1991
معتقل طرة / محمد عفيفي مطر
مرة أخرى أذكر نفسي وإياكم بعدل الإله ونتمنى ونعمل جاهدين حتى نرى هذا الليل ينتهي

Thursday, March 17, 2005

نداءات على الجدران لم تقشرها الاظافر ولم يغسلها المطر

اختبىء ياقطاراً يهرول في الحلم،
صوتك يخلع ريش النشاز الملون، يسقط بين
الصدى والصدى، وتصنفره شفرات الأظافر،
يدخل أوركسترا الأسر.
فلتختبىء ياقطار يهرول في الحلم،
فالأرض مكشوفة المحطات مفتوحة تحت ضوء السفر
اختبىء فالإقامة مأهولة بوحوش القرابة
والألفة الناعمة.
جسد للعشيرة، اعضاؤه انفرطت
كالعناقيد في ورق الملصقات- الأفيشات- وهج
النيون المشاكس.
حط الظلام
فهل ينفر النهد تحت الأكف وتلتم رهط العناق
الصريح وهل يفتح الليل مضيفه للتخاصر
والجنس؟ هل تفلت الشهقات المقيمة في اللون، هل؟
تنفست حقائب الوطن، يالله،
هل يملك كل هذه الملابس الداخلية؟!
وبعثرها في الريح، فهل كل هذه الألوان من
شمس واحدة؟!
وغربت الشمس
فكل طريق صباح وكل صباح طريق.
العصافير تنسج اعشاشها في
حديد الشبابيك والارفف الخشبية في المكتبات
وفي الحافلات المليئة بالزحمة الضاحكة
والعصافير تنسج اعشاشها تحت ليل من
الشعر المستعار وفي خوذ الشهداء
واحذية الهاربين
أسرعوا اسرعوا.. فالبلاد القديمة
ركضت خلفكم، واكتبوا واكتبوا.. فالبلادالقديمة
قطعت شجر الأبجدية.
مطلع جاهلي يجيء
تطلع الشمس في الذاكرة
تحت ايقاعه يستضىء
وطن للخراب الطلولي،
نهر تجررّه الصرخة الغائرة.

صخب، وبلاد تجلجل في حجر السمع،
والرعد يزرع أعضاءه..
انتظروا.. تصهل الخيل في الأروقة.
محمد عفيفي مطر (الشاعر الذي ظلمته حياة الناس وأنصفه الشعر)

وتحرك المترو

تكاد تخلو الشوارع من المارة، تهدأ حركة المرور،يخيم الهدوء علي المكان، لا تسمع صوتها إلا إذا اقتربت، أسمع أصوات لمبات الجاز، يجلس باعة الفاكهة بلمباتهم التي تقتل الصمت الرهيب، تقترب خطواته أكثر من المحطة، يري شخصاً آخر، إنه متجه إلي المحطة أيضاً، يصل، يقطع التذكرة، يقف منتظراً.

يحمل الشيخ أكياساً كثيرة، تفوق وزنه بقليل تقريباً، ويحس أنه سيسقط من شدة التعب، إنه رجل قوي، أبدت يداه اعتراضهما؛ فكادتا أن تلامسا الأرض من ثقل الحمل عليهما. يرتدي جلباباً أبيض، لحيته ناصعة البياض، يبدو أقصر من طوله الحقيقي؛ لإنحناء ظهره، جسده نحيل، يبدو في عينيه أثر الزمن، فيهما مسحة حزن، يبدو أنه يعيش وحده، وأغلب الظن أنه تجاوز العقد السابع من عمره ببضع سنوات.

تشير عقارب ساعة محطة الملك الصالح إلي الساعة الواحدة إلا الربع بعد منتصف الليل. يقف علي رصيف المحطة المؤدي إلي اتجاه حلوان ناظراً إليه في ترقب، يسير علي الرصيف المقابل، خطواته متمهلة وثقيلة، يتجه نحو درجات السلم، يأخذ في متابعته بعناية، يسرع من خطاه، الحمل لا يساعده، لا يستطيع أن يبعد عينيه عن مراقبته، يشق نور مترو الأنفاق القوي ظلام الليل الحالك.

يمر الناس إلي جواره مسرعين للحاق بهذا المترو، فهذا هو آخر مترو. يصل المترو المحطة، يتوقف فاتحاً أبوابه لمن يرغب في استقلال إحدى عرباته، تبقي للشيخ في هذه اللحظة من درجات السلم درجتان أو ثلاث، يطلق سائق المترو صفارة الإنذار بغلق الأبواب، يُغلق الباب قبل أن يلحق به الشيخ، يقف خلف زجاج باب المترو ينظر لهذا الشيخ في تعجب؛ ترتسم علي شفتيه ابتسامة عريضة، وتحرك المترو بطيئاً ثم ازدادت سرعته حتى اختفت هذه الابتسامة المحيرة.